الجمعة، 8 يونيو 2012

قراءة في وثيقة إسرائيل 2028

قراءة في وثيقة إسرائيل 2028
من منظور علم النفس السياسي[1]
د. قدري حفني
Kadrymh2000@yahoo.com
العلاقة بين البحث العلمي و النظام السياسي الإسرائيلي
لعله من الصعب النظر  مثل تلك الوثيقة دون وضعها في إطار انشغال إسرائيل بالنظر  مستقبلها، و اعتمادها في ذلك علي مراكز البحث التي تضم علماء متخصصين، و لذلك فإن العلاقة بين مراكز البحث العلمي و بين النظام السياسي الإسرائيلي علاقة عضوية بنيويا ووظيفيا. و تتضح تلك العلاقة من خلال اتساع الحيز الذي يشغله المتخصصون من العلماء في الهياكل المؤسساتية لأقطاب النظام السياسي ، سواء في نطاق ما هو حكومي وحزبي أو في نطاق ما هو عسكري-أمني. و قد لجأت الحكومات المتعاقبة في إسرائيل إلى الباحثين الأكاديميين المتخصصين في تخطيط السياسات العليا للدولة، باعتبارهم أدوات ضبط واستشعار وتوجيه، و باعتبارهم جزءا رئيسيا من بنية اتخاذ القرار في إسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بالاستناد هم سواء في جمع المعلومات أو في تحليلها بل و في إدارة وتوجيه الشؤون الإستراتيجية، والجارية سياسيا ودعائيا وعسكريا.
و حديثنا عن بروز دور العلماء في النظام السياسي الإسرائيلي، لا يعني بحال أنه يمكن الفصل بين توجهات العلماء و طبيعة المناخ الفكري السياسي السائد في إسرائيل وهو ما يجعل من النظام السياسي في إسرائيل عقلية الجيتو على نفسية وذهنية الباحث في إسرائيل؛ و فيما عدا ذلك فإن مراكز البحث الجامعي في إسرائيل تطبق النموذج المتعارف عليه في مراكز الفكر على المستوى العالمي  أو الـ" Think Tanks " ، سواء من زاوية ما يعنيه المفهوم ، أو من ناحية احتياج صانع القرار في السياسة الخارجية لها ، أو في حال كان الحديث باتجاه المنافع التي تقدمها مراكز الأبحاث الجامعية لصانع القرار، فإجراء البحوث والدراسات التي تقف عند أثر المتغيرات في الشرق الأوسط على دولة إسرائيل. والخروج بتعميمات لكيفية تحصين الدولة من هذه التغيرات ، ليست الوسيلة الوحيدة التي تتبعها هذه المراكز في التأثير على السياسة الخارجية والأمنية للدولة  الإسرائيلية. إنما تذهب المراكز على الدوام ، إلى تعزيز هذه الوسيلة بوسائل أخرى طالما اتبعتها مراكز الفكر" في النماذج الغربية الأخرى ، وهي عقد المؤتمرات وإلقاء المحاضرات  التي تهدف إلى خروج العلماء الإسرائيليين ونظرائهم من الأجانب بفهم مشترك وتقييم مشترك لمواضيع أنية أو تاريخية تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.
    وبالرغم من تنوع مؤسسات البحث الجامعي في إسرائيل واتساع النطاق الذي تجري ضمنه أبحاثها ، فان ثمة تضافرا ملحوظا في أدائها العام، يفضي بدوره إلى تكامل العملية البحثية الإسرائيلية، مما ينعكس بالضرورة على مسألة اعتمادها رسميا من قبل صانع القرار في إسرائيل . ويمكن القول إن التعددية في المؤسسات البحثية، و الحالة هذه ، يراد لها أن تزيد عدد روافد العملية البحثية، وبالت الزيادة في مقدار الشمولية في تناول الموضوعات التي  تهم إسرائيل، على خلفية ارتباط هذه المؤسسات بالدولة/التجمع ارتباطا يغطي مجالات العمل والقيم والأهداف وغيرها . ويلاحظ أن هذه المراكز سعت إلى الانسجام في أداء عملها مع النموذج الرشيد لصنع القرار في السياسة الخارجية، فهي تستنفر أقصى طاقة لديها لجمع البيانات اللازمة عن البيئة الدولية وتصنيفاتها.كما تنخرط أيضا في وضع السناريوهات المختلفة والخيارات، التي يحتملها الموضوع الذي يتطلب قرارا في السياسة الخارجية . كما وتذهب أكثر من ذلك إلى الاختيار من بين هذه البدائل للوصول إلى البديل الأنجع. ومن ثم تستخدم الطرق والوسائل التي تستخدمها مراكز الفكر لفرض هذا البديل على صانع القرار في السياسة الخارجية والدفاعية. وفي هذا السياق يمكن فهم تقاسم الأدوار والتخصصات فيما بينها. ومن المعروف أن وظيفة العمل البحثي في هذه المراكز لا تقف عند هذا الحد، وإنما تتجاوزه و تتعاطى مع كل القيود الواردة على عملية صنع القرار وتحول دون انطباق النموذج النظري. فهي من ناحية عملت على أن تكون جزءا من آلية عامة لدى الدولة الإسرائيلية في التأثير على البيئة النفسية لصانع القرار الرسمي، كما ساهمت في معالجة التداخل القائم بين الأهداف المتناقضة لصانع القرار، وكانت جزء من عوامل التأثير على البيئة النفسية البيروقراطية السياسة الخارجية، وذلك حين وفرت أماكن التقاء لخبرائها مع الذين يتبوءون مناصب مهمة في القطاعين السياسي والعسكري ، وحين توفرت إمكانية الباب الدوار بين الوظيفة الرسمية وبين الوظيفة في هذه المراكز. وهناك هامشا لدوافع تمليها طبيعة العمل البحثي في المعاهد الأكاديمية التابعة للجامعات ، إذ بالإضافة إلى قيام هذه المعاهد ببرمجة أعمالها في ضوء الاحتياجات الإسرائيلية العامة، فإنها تقوم بممارسه العمل البحثي بدوافع من اهتماماتها الأكاديمية الخاصة دون أن يعنى ذلك أنها تلتزم بمبدأ "العلم للعلم". ويظل من الثابت أن تعدد المراكز البحثية التي تعنى بشؤون السياسة الخارجية والدفاعية والصراع. بمختلف تشعبانها وارتباطاتها ووجوه عملها، إنما يعكس مقدار الحاجة الإسرائيلية الملحة إلى معرفة العرب.لإيجاد علاقات ارتباط بين الواقع والأوضاع التي يراها الإسرائيليون وبين الصور الذهنية التي يسعون إلى ترسيخها وهم ينشدون إيجاد أوضاع مستقبلية تلبي مصالحهم. كما يعكس هذا التعدد بالمثل، حاجة إسرائيل إلى امتلاك المزيد من عناصر القوة في الصراع الذي تخوضه في مواجهة الأمة العربية.
هذا التقرير
أنجز المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار ترجمة عربية لخطة "إسرائيل 2028"[2]، التي أشرفت على إعدادها لجنة جماهيرية عامة برئاسة أحد كبار رجال الأعمال في إسرائيل، وهو إيلي هوروفيتس، الذي أشغل منصب رئيس اتحاد أرباب الصناعة، وضمت مجموعة كبيرة من الأكاديميين وذوي الاختصاص، وتم إنجازها في ربيع 2008. كما أنها أدرجت في جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية في شهر أيار (مايـو) 2008 أي فور إنجازها حيث أشار أولمرت الذي ترأس جلسة حكومة إسرائيل في الخامس من مايو 2008  "إن جلسات مجلس الوزراء تكرَّس عادة لبحث القضايا الجارية المدرَجة على جدول الأعمال كل أسبوع. أما اليوم فقررنا أن نتناول خلال الجلسة أجندة مختلفة قليلاً لنبحث خطة إستراتيجية تطرحها علينا ثلاث شخصيات مرموقة وهي رئيس شركة "تيفاع" السيد إيلي هورفيتس ، ورئيس شركة "شلدور" السيد سامي فريدريخ ، ومدير وزارة المالية على مدى سنوات وأحد أبرز الموظفين السابقين السيد دافيد بروديت. إن ثلاثتهم من المبادرين إلى طرح فكرة الخطة الإستراتيجية هذه. علينا أن نقول إن الخطة ليست حكومية وأفترض أن لا تتمخض جلسة اليوم عن أي قرارات ملزمة تقتضيها هذه الخطة الواسعة النطاق ، لكن آن الأوان أن تهتم دولة إسرائيل ليس بالقضايا الجارية فحسب بل بمحاولة معينة لصياغة مفهوم شامل نستهدي به طيلة فترة طويلة أيضاً، وإنني أقدم الشكر سلفاً للفريق الذي أعد هذه الخطة ثم استمع مجلس الوزراء إلى تقرير حول مسألة "إسرائيل 2028 – الرؤية والإستراتيجية الاقتصادية الاجتماعية في عصر العولمة" إذ قدم التقرير كل من مدير عام وزارة المالية السابق دافيد بروديت ورئيس شركة "تيفاع" السيد إيلي هورفيتس ورئيس شركة "شلدور" السيد سامي فريدريخ الذين وضعوا مع عدد آخر من الشخصيات الخطة المذكورة خلال العامين الماضين. وناقش مجلس الوزراء فيما بعد هذه القضية[3].
قبل البدء في تحليل التقرير قد يكون مناسبا الإشارة  أن [4]إسرائيل لم تولد وفى فمها ملعقة من ذهب، وقد عاشت سنواتها الأولى من 48- 1954 في ظل حالة من التقشف الاقتصادي، بسبب توجيه كل مواردها المحدودة للإنفاق على الجيش، وعلى متطلبات استيعاب موجات المهاجرين اليهود الجدد، ومن ثم شهدت إسرائيل فترة من الازدهار والنمو السريع من 1954 – 1974 بفضل تدفق التعويضات الألمانية التي استمرت حتى 1964 وبلغت حوالي 850 مليون دولار، لكن هذا النمو الاقتصادي تعرض للانتكاس بعد حرب 1973، واستمر الركود والتضخم حتى عام 1985، ولم يتحسن الوضع الاقتصادي هناك إلا بعد اتخاذ إجراءات قاسية تمثلت في خفض الإنفاق الحكومي وموافقة اتحاد نقابات العمال – الهستدروت- على خفض رواتب العمال، وتقبل الشركات الرأسمالية لخفض أرباحها، لكن إسرائيل حققت بعد ذلك طفرتها الاقتصادية الكبرى بفضل تضافر العديد من العوامل من بينها الاعتماد على الخطط الاقتصادية المستقبلية
و قد نشر الباحث الإسرائيلي جيلاد آتزمون Gilad Atzmon مؤخرا مقالا بعنوان "الاقتصاد الإسرائيلي للمبتدئين"   يفند فيه دعاوي من يرددون أن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بفترة ازدهار، بل إن البعض يرون أن الاقتصاد  الإسرائيلي  في طريقه لتحتل إسرائيل مكانتها بين الدول الأقوى اقتصاديا. و يفسر جيلاد عبور الاقتصاد الإسرائيلي الأزمة الاقتصادية العالمية بأنه اعتمد علي تدفق رجال أموال المافيا الروسية و غالبيتهم من اليهود  السوق الإسرائيلية، فضلا عن أن إسرائيل تحتل المرتبة الرابعة بين أكبر منتجي السلاح في العالم.[5]
و فيما يبدو فإن ذلك يشير إلي تقدم ترتيب إسرائيل بين كبار منتجي السلاح حيث أشار الصحفي البريطاني جدوين باروز في كتابه الصادر عام 2002 بعنوان "صناعة السلاح" إلي أن إسرائيل تحتل المرتبة الثانية عشرة في تلك القائمة"[6], و لعله من المثير للانتباه أن الدول الأربعة التي تتصدر تلك القائمة أعضاء دائمين في مجلس الأمن المسئول عن "السلام العالمي[7].
الافتراض الأساسي
تقوم التنبؤات في مثل تلك التقارير المستقبلية علي افتراض أو أكثر يتوقع كتاب التقارير أن تشكل التطور المستقبلي للظاهرة التي يعالجونها. و لقد حدد تقرير "إسرائيل 2028" أن "هذه الخطة تقوم علي افتراض أنه لن يحدث تغير أساسي في موقفنا الأمني، و أن تحقيق سلام دائم سوف يغير من رؤيتنا لتطور الاقتصاد القومي، و سوف ييسر بشكل كبير إنجاز الأهداف الاجتماعية و الاقتصادية؛ علي عكس ما يمكن أن تؤدي ه استمرار حالة الحرب من إعاقة لتلك الإنجازات[8]
و يعود التقرير فيؤكد تلك الفرضية بشكل أكثر تحديدا حين يشير تحت عنوان "الموقف الأمني/ السياسي" أن "الفرضية الأساسية التي قامت عليها الدراسة هي أن العملية السياسية بين إسرائيل و السلطة الوطنية الفلسطينية سوف تستمر، و أنه يمكن التوصل إلى اتفاقيات مؤقتة تمكن الطرفين من العيش معا. و قد افترضنا أن إسرائيل سوف تصل  اتفاقية سلام شامل مع الفلسطينيين و الدول العربية خلال العقدين القادمين مما يتوقع معه تصاعد النمو الاقتصادي، أما إذا عاد مستوي "الإرهاب"  ما شهدته الفترة 3001 – 2003؛ فإن ذلك سوف يوقف المسار الاقتصادي الإسرائيلي." [9]
تأثير الواقع المركب الذي تعيشه إسرائيل
"لقد استغرق العمل في هذا التقرير عامين تقريبا، أتيحت خلالهما لفريق البحث كم كبير من البحوث و المعلومات التي شكلت الأساس الضروري اللازم لإنجاز عملهم الذي استهدف تناول مشكلات إسرائيل الأساسية من منظور يصهر كافة تلك المشكلات علي تنوعها في سياق يقوم علي منهجية تشارك النظم العلمية multi-disciplinary  discourse  بحيث تتكامل الأقسام جميعا في ورقة علمية واحدة تلتزم توجها يعبر عن الروابط و التأثير المتبادل بين مختلف المجالات و المشكلات. و قد استفادت الخطة من الكفاءة الأكاديمية المتميزة لأعضاء الفريق في عالم البحث و العلم، و استفادت من ناحية أخري من تلك المعلومات و الخبرات الثرية المتوافرة لدي الآخرين من أصحاب الخبرات العملية. و لقد تبين من البداية أن التحديات الرئيسية التي تواجه إسرائيل تتمثل في حاجتها لبناء نظام تعليمي كفء، و بنية تحتية علمية و تكنولوجية علي مستوي عالمي، و اقتصاد متميز، و مجتمع يقوم علي العدل و التسامح و الوحدة و التضامن الاجتماعي"[10]
وفقًا لما أشير إليه في تصدير الخطة، فقد كان المبادرون ينوون، بداية، بأن يتمحور عملهم في الموضوعات ذات الصلة، المباشرة والفورية، بتطوير التعاون المشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبالنمو السريع والاندماج في العولمة، وخصوصا في مجالات العلوم، التكنولوجيا المتطورة و أبنية الإنتاج التحتية. غير أن الواقع المركب الذي تعيشه إسرائيل، والتي ينشط فيها قطاع اقتصادي متطور ومندمج في العولمة إلى جانب قطاع واسع يعاني من التخلف التكنولوجي والإنتاجية المتدنية، الواقع الذي تميزه فجوات شاسعة في الدخول وفجوات كبيرة في التعليم ومشاركة متدنية في القوة العاملة، أظهر لهم أن النمو السريع والدائم، المطلوب أيضا لدفع التعاون مع الولايات المتحدة، يشكل تطورا متعدد الأوجه، وهو مرهون بجملة من العوامل والوسائل المنهجية، وأن مجال الأبحاث والتكنولوجيا المتطورة لا يخصّ إلا جزءًا منها فقط. أما الجزء الآخر منها فيختص بتطوير الفروع الاقتصادية التقليدية، كما يختص بجودة الحكم وماهية المؤسسات، وسياسة التشغيل، وتوسيع التعليم الجامعي، وتحسين جهاز التعليم، وتقليص الفجوات الاجتماعية، وتطوير الأبنية التحتية المادية وتحسين جودة البيئة. وثمة روابط وثيقة وتأثيرات متبادلة فيما بين المجالات المختلفة، على الرغم من أن هذه الروابط تكون خافية عن الأنظار أحيانا.
و هكذا يتأكد ما ذهب ه الباحث الإسرائيلي جيلاد آتزمون في مقاله المشار إليه آنفا من أن القول بأن ثمة اقتصاد إسرائيلي مزدهر أمر في حاجة إلى مراجعة، و هو ما سيتضح حين نتعرض لتناول التقرير للتفاوت الاقتصادي في إسرائيل و كيف أن ذلك التفاوت لا يتخذ النمط الذي تعرفه غالبية دول العالم بل يتخذ طابعا عنصريا واضحا.  
و نستطيع أن نجمل ملاحظاتنا أو ما يمكن أن نطلق عليه الدروس المستفادة من منهجية إعداد مثل هذا التقرير المستقبلي في النقاط التالية
·        ضرورة الالتزام بالمرونة: لقد وضع أصحاب التقرير نصب أعينهم من البداية ألا يغفلوا ذلك الواقع المركب و المتغير الذي تعيشه إسرائيل و لذلك تخلوا عن ذلك الالتزام الحرفي بتفاصيل الخطة البحثية التي وضعوها في البداية بل قاموا بتطويرها وفقا للمستجدات.
·        ضرورة تضافر التخصصات العلمية: لقد قام التقرير علي ما يعرف بمنهجية التشارك بين أكثر من تخصص علمي multi-disciplinary  discourse  بحيث لا ينفرد تخصص معين بصياغة الرؤية من منظوره العلمي المتخصص.
·        ضرورة الربط بين المتخصصين و أصحاب الخبرة العملية: لقد استفادت الخطة من الكفاءة الأكاديمية لأعضاء الفريق في عالم البحث و العلم، و استفادت من ناحية أخري من تلك المعلومات و الخبرات الثرية المتوافرة لدي الآخرين من أصحاب الخبرات العملية.
·        ضرورة إتاحة المعلومات أمام العلماء: فقد أتيح لفريق البحث ما يحتاجه من البحوث و المعلومات التي شكلت الأساس الضروري اللازم لإنجاز عمله.
التفاوت الاقتصادي و الاجتماعي
يشير التقرير إلى الفروق الكبيرة في الدخول في المجتمع الإسرائيلي. وبعد أن كانت إسرائيل، في بدايات طريقها، من بين الدول "الأكثر عدالة ومساواة في العالم"، كما يؤكد أصحاب التقرير، فإنها تحتل الآن إحدى المراتب العليا بين الدول في مقياس عدم المساواة في الدخول. إن عدم المساواة البارز في الأجور نابع، إلى حد كبير، من الفوارق في الإنتاجية وفي الناتج للعامل بين الفروع العلمية والفروع التقليدية. هذا يعني أن نشوء الاقتصاد الثنائي غذى اتساع فجوة عدم المساواة في الدخول في إسرائيل. وعدم المساواة هذا يخلق عدم استقرار اجتماعي ويمس بالنسيج الهش في مشاعر الانتماء والتماسك الاجتماعي، كما أنه يمس أيضا بالنمو الاقتصادي. وإذا ما وُجدت طريقة لدفع نمو الفروع التقليدية ومنع التقاطب في الاقتصاد الثنائي، فسيخدم هذا أيضا الحاجة الاجتماعية الماسة إلى تقليص الفجوات في الدخول، وخاصة بواسطة زيادة الدخول من العمل لدى الأعشار الدنيا وكذلك، وإن بدرجة أقل، بواسطة منظومة الضرائب ومخصصات الإعانة. ومن هنا، فإن زيادة المساواة ستتحقق، أساسا، بواسطة وضع سلم للصعود في تدريج الدخول من العمل لدى الفئات المتدنية الدخل.
الحريديم و النساء العربيات
و يتناول أصحاب التقرير ظاهرة الفوارق في الدخل و ارتباط ذلك بمشاركة الفئات المختلفة في سوق العمل؛ و التي وصفوها بأنها مثيرة للقلق حيث كانت نسبة المشاركة المتدنية في قوة العمل في إسرائيل مقارنة بالدول المتطورة (في سنة 2006 بلغت نسبة المشاركة في قوة العمل في إسرائيل 55% وفي الولايات المتحدة 65%). ونسبة المشاركة المتدنية في قوة العمل قد تحول دون تحقيق الناتج المطلوب للفرد لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، حتى لو كانت إنتاجية العمل في إسرائيل مساوية لتلك التي في الدول المتطورة.
و لكن أصحاب التقرير ينحون منحي غريبا في محاولة إرجاع تلك النسبة المتدنية من المشاركة في قوة العمل إلى تدني مشاركة فئتين سكانيتين علي وجه التحديد: الرجال المتدينون "الحريديم" والنساء العربيات، باعتبار أن غالبية هاتين الفئتين تمتنعان عن الانخراط في مسارات التعلم المناسبة لسوق العمل العصرية (نسبة المشاركة بين الحريديم في قوة العمل تبلغ 40% ونسبة المشاركة بين النساء العربيات في إسرائيل تبلغ، هي أيضا، 40%، في مقابل 61% بين فئات الأغلبية بين السكان). وتشكل نسبة التكاثر الطبيعي المرتفعة لدى هاتين الفئتين، وعلى خلفية أنماط العمل القائمة وغياب الثقافة العامة، تهديدا جديا وحقيقيا لفرص تحقيق أهداف الاقتصاد والمجتمع خلال الأعوام المقبلة. وتشير التوقعات الديموجرافية إلى تراجع نسبة المشاركة في قوة العمل من 56% إلى 53% في العام 2028. بينما من أجل تحقيق أهداف الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل، في المقابل، ثمة حاجة إلى ارتفاع نسبة المشاركة في قوة العمل إلى 60%.
و يستدرك أصحاب التقرير تعسفهم في ذلك الاستنتاج فيشيرون إشارة عابرة إلى أن "المشكلة تشمل الفئات المحدودة الدخل عامة، وليس فئتي الأقلية المذكورتين فقط. ولذا ثمة ضرورة ملحة لتحسين شروط حياة الفئات السكانية التي تعيش في ظروف الفقر، بواسطة رصد موارد حكومية واستثمارها في تعليم الأطفال وفي رأس المال البشري بين البالغين". و لكن أصحاب التقرير يشيرون من جديد  أن "هذا وحده ليس كافيا في كل ما يتصل بالفئتين المذكورتين – الحريديم والعرب – حيث ثمة معارضة من منطلقات دينية، تقليدية أو سواها، للانخراط في المسارات التعليمية العامة التي تُكسب المؤهلات المطلوبة للعمل بمستويات رفيعة. لا بل ثمة بين هاتين الفئتين معارضة حتى للخروج إلى العمل. إن مشكلة نسبة المشاركة المتدنية في قوة العمل بين هاتين الفئتين، والأجور المتدنية التي يحصل عليها أفرادها حين يعملون، مرتبطة، ارتباطا وثيقا جدا، بمسألة امتناعهم من اكتساب العلم والمعرفة الضروريين لسوق العمل العصرية".
و يطرح التقرير رؤية للتركيبة السكانية في إسرائيل[11] تقوم علي أن تلك التركيبة ذات طابع ثلاثي متمايز سواء من حيث الخصائص السكانية أو المستويات الاقتصادية: غالبية تمثل الكثرة من المجموعة العربية و مجموعة اليهود المتشددين يتشابهون في ارتفاع معدل الإنجاب و انخفاض نسبة المشاركة في سوق العمل، و في الإنتاجية، فضلا عن انخفاض مستوي التعليم  
و غني عن البيان أن أصحاب التقرير قد تجاهلوا التمييز بين الحريديم و النساء العربيات من حيث دوافع انخفاض نسبة مشاركة كل فئة في سوق العمل؛ و هو فارق بالغ الدلالة. يمكن إيجازه في حقيقة أن الحريديم يمتنعون عن العمل في حين أن العرب رجالا و نساء يمنعون من العمل بدرجة أو بأخرى.
يشير التقرير الصادر عام 2005عن المؤسسة العربية لحقوق الإنسان تحت عنوان التقرير السنوي لانتهاكات حقوق الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل للعام 2005 إلى إن التمييز الاقتصادي تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين الذي تمارسه شركات ومؤسسات يهودية يعود إلى تاريخ إنشاء إسرائيل عام 1948.  فقد جلب المستوطنون الصهاينة الأوائل مفهوم "العمالة العبرية" معهم إلى فلسطين، وأصبح هذا المفهوم ركيزة أساسية في الحركة الصهيونية. وقد حاول اليهود كلما أمكن استخدام اليهود الآخرين فقط في فلسطين، وإذا لم يكن بإمكانهم سوى استخدام العرب، فكانوا يفرضون عليهم ظروف عمل أسوأ من اليهود. وقد تبنى الهستدروت، الحركة العمة النقابية الوطنية الوحيدة، هذه الفلسفة أيضا ومنع العمال العرب من التحول إلى أعضاء كاملين لعدة سنوات بعد إنشاء الدولة. وقد كان دور الهستدروت مدمرا تدميرا شديدا نظرا لأنه ليس مجرد حركة نقابية بل هو أيضا أحد أكبر المستخدمين، الذي يدير أهم قطاعات الدولة الشبه احتكارية في مجالات البناء والمواصلات والزراعة. ونادرا ما كانت شركات الهستدروت تعين العمال العرب. كذلك، قيدت الدولة عمالة العرب تقييدا أكبر – وما زالت تفعل ذلك – من خلال تصنيف أهم مجالات الاقتصاد على أنها ممنوعة على العرب لأسباب "أمنية"، وهذه تشمل الصناعة النووية، ومصانع التسلح العسكري، والمطارات، ومصانع النسيج وغيرها. أما مصالح الخدمة العامة الأساسية، مثل شركة بيزك للاتصالات وشركة الكهرباء القطرية، فلم تعين سوى عدد قليل من العرب رغم أنها توظف آلاف العاملين. وفي قطاع الخدمة المدنية والشركات الحكومية، لا يشكل العرب سوى جزء يسير من العاملين، وذلك على الرغم من سن قوانين "التمييز التفضيلي" قبل عدة سنوات. هذه السياسة التمييزية في التعيينات في مختلف مجالات الاقتصاد هي سبب ارتفاع معدلات البطالة بين السكان العرب، واستخدام المواطنين العرب في الأعمال اليدوية ذات الدخل المتدني.  نتيجة لذلك، تفاقم الفقر بين الأقلية العربية أكثر من انتشاره بين الأغلبية اليهودية. وقد تزامن الضعف الاقتصادي مع فشل الدولة في إعادة توزيع الثروات على المواطنين العرب. فعوضا عن الاهتمام بمواطنيها العرب، توجه الدولة مداخيلها نحو السكان اليهود من خلال منحهم تخفيضات ضريبية وامتيازات في القروض الإسكانية ومنح دراسية وأراضي رخيصة من أراضي الدولة.
و يعرض التقرير السنوي لانتهاكات حقوق الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل[12] عددا من التقارير الحديثة التي تؤكد أن ارتفاع مستويات الفقر لدى العرب في إسرائيل هي بشكل أساسي انعكاس لارتفاع معدلات البطالة:
·        في مسح نشره بنك إسرائيل المركزي في شهر آذار، تبين أنه خلال العام 2004 كانت نصف إجمالي الأسر العربية تعيش في حالة فقر. وقد أفاد التقرير إن القرى والمدن العربية تعاني من الافتقار للتنمية الاقتصادية ومن معدلات بطالة عالية. فقد واجه الشباب العرب صعوبات في المنافسة في سوق العمل بسبب انخفاض مستواهم التعليمي وحرمانهم من العمل في وظائف عديدة تحت ذرائع "أمنية".  وأفاد التقرير أيضاً أن مشاركة العرب في القوى العاملة تقل بسبب انخفاض عدد النساء العربيات العاملات،  حيث هناك عدة مصانع ملابس صغيرة في الجليل حيث كانت الكثير من النساء العربيات تعملن قد أغلقت أبوابها خلال السنوات القليلة الماضية. ويستنتج التقرير إن التراجع الاقتصادي خلال الانتفاضة الثانية قد مس بالمواطن العربي أكثر من اليهودي، وكذلك الحال بالنسبة للوضع "الأمني"، فبعد اندلاع الانتفاضة في تشرين أول 2000، بات المستخدمون اليهود يترددون في تعيين العمال العرب. وأشار التقرير إلي أن الارتفاع في الأجر للعامل العربي كان أقل مما هو للعامل اليهودي.
·        وفي تموز نشرت جمعية "الجليل" ومعهد "مدى" دراسة حول الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين العرب سنة 2004. وقد بينت النتائج أن 34 بالمائة فقط من السكان في المناطق العربية، يعملون مقارنة مع 57 بالمائة من التجمعات اليهودية. وكان معدل العمالة بين النساء العربيات 23 بالمائة في حين وصل متوسط معدل البطالة في الوسط العربي إلى 11.4 بالمائة، وقد بلغ 12 بالمائة في النقب. وكانت ثلث الأسر العربية تعتمد على الدخل من دفعات التأمين الوطني كل شهر.
·        وقد تأكدت هذه الاستنتاجات في شهر آب من خلال تقرير نشرته مؤسسة التأمين الوطني. وقد بين هذا التقرير أن ثلث فقراء إسرائيل، البالغ عددهم مليون ونصف، هم من العرب – مما يعني نحو نصف مليون عربي. أي بعبارة أخرى، يعيش في حالة فقر نحو نصف سكان البلاد العرب البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة. هذا وقد ارتفع عدد الأطفال الفقراء بـ61 ألف، ليصل عددهم إلى 714 ألف، أو بما يعادل 33.2 بالمائة من أطفال البلاد، مسجلا بذلك زيادة عن هذه النسبة في عام 2003 التي كانت حينها 30.8%.
·        وفي شهر تشرين الثاني أفاد مكتب التشغيل أن أسوأ 29 منطقة في البلاد فيما يتعلق بالبطالة كانت، وبدون استثناء، مناطق عربية. وكذلك كشفت مؤسسة التأمين الوطني أن أكثر من نصف كبار السن العرب يعيشون تحت خط الفقر وتنقصهم أساسيات الحياة، كالطعام والملبس والتدفئة. كما أفاد الدكتور سمير زعبي، من مؤسسة التأمين الوطني، أن الوضع الاقتصادي لكبار السن قد تضرر بفعل الإفقار العام الذي يعاني منه العرب في البلاد، وتراجع العادات العربية الداعية لرعاية كبار السن مع عدم كفاية الدعم الحكومي.
·        وقد أدت معدلات الفقر والبطالة العالية لدى العرب إلى إقصائهم عن التمثيل في الخدمات المدنية. حيث يشكل العرب فقط 12 من أصل 376 مستخدم في وزارة المعارف، وواحد من أصل 106 يعملون في وزارة البناء والإسكان، و12 من مجموع 399 موظفين في وزارة العدل، ولا يعمل أي منهم ضمن الـ 73 مستخدم في وزارة المالية.
·        في الشهر ذاته، نشرت دائرة الإحصاء المركزية إحصاءات تفيد بوجود ما يقارب 1.3 مليون مواطن عربي، منهم نحو 628 ألف طفل – أو ما نسبته 47 بالمائة من تعداد السكان العرب. وأفادت أن 54 بالمائة منهم يعيشون تحت خط الفقر، كما هو حال 50 بالمائة من الأسر العربية. أضف إلى ذلك أن ما يقارب 133 ألف طفل، أو 23 بالمائة من تعداد الأطفال العرب، يعيشون في كنف أسر كلا الأبوين فيها عاطل عن العمل.
·        نشر مركز "أدفا" دراسة حول معدلات أجور اليهود والعرب، ظهر منها تباين كبير بين المجموعتين.  فقد احتلت المدن اليهودية المراتب العليا في سلم الأجور، في حين أتت البلدات العربية في أسفله.  حيث بلغ متوسط أجور اليهود في المدن 9803 شاقل في أقصاه بينما لم يصل سوى إلى ما يقارب نصف ذلك، أي 5243 شاقل، في أوساط العرب. وكانت أقل متوسطات الدخل في المدن العربية، مثل جسر الزرقاء، حيث وصل متوسط مرتب الرجال الشهري إلى 4444 شاقل، بينما لم تتلق النساء في قرية عيلوط سوى 2892 شاقل.
·        ووجدت دراسة مشابهة أجرتها وزارة التجارة والصناعة أن الخريج اليهودي يتلقى بالمتوسط راتبا يفوق راتب مثيله العربي بنحو 30 بالمائة. وفي وظائف مثل المحاماة والهندسة، يتلقى الخريج العربي نصف ما يكسبه الخريج اليهودي.
·        وقد وصلت معدلات الفقر نسبة مرتفعة بشكل خاص بين المواطنين العرب في النقب، حيث ما تقارن ظروف معيشتهم عادة ببلاد العالم الثالث. كذلك، ظهر من دراسة نشرتها جامعة بن غوريون في بئر السبع أن واحدا من كل ستة أطفال عرب في النقب يعاني من سوء التغذية ونقص الوزن. فقد وجد التقرير أن احتمال إصابة أطفال العرب المقيمين في القرى غير المعترف بها بسوء التغذية يصل إلى أكثر من ضعف (2.4 مرات) احتمال إصابة الأطفال في المناطق المعترف بها في النقب. وكشفت ورقة أخرى أن 17 بالمائة من الآباء اليهود كانوا أحيانا يرسلون أبناءهم بدون وجبة إفطار للمدرسة. أما بين المواطنين العرب في النقب، فلم يتمكن 48 بالمائة من الآباء تزويد أبنائهم بالطعام أثناء اليوم المدرسي..
العرب و إسرائيل
يصعب الحديث عن مستقبل إسرائيل دون التعرض للعلاقة مع أربعة كتل عربية متمايزة متداخلة: الدول العربية و خاصة ما يعرف بدول الطوق، و الفلسطينيون خارج الأراضي الفلسطينية أي اللاجئون الفلسطينيون، و الفلسطينيون المقيمون علي أرض السلطة الفلسطينية المنقسمة سياسيا –حتى الآن-  غزة و الضفة، و أخيرا فلسطينيو الداخل أو عرب إسرائيل أو عرب 48.
و قد أغفل التقرير هذا التقسيم الواضح المنطقي، و قسم البنية السكانية في إسرائيل تقسيما غير مألوف إلى[13] "مجموعات ثلاث وفقا لتباين الخصائص السكانية و الاقتصادية لكل مجموعة: ا) اليهود المتدينون المتطرفون[14] the ultra-Orthodox 2) العرب 3) جماعة الغالبية the majority group و سوف نعرض لتوقعاتنا بالنسبة لكل مجموعة علي حدة وفقا لتلك الخصائص" و يمضي التقرير مقارنا بين معدلات المواليد في كل جماعة مشيرا أن ذلك المعدل يبلغ 2.2% لدي جماعة الغالبية، و 3.6% لدي العرب، و 6% لدي اليهود المتدينون المتطرفون. و يتوقع التقرير ثبات نسبة المواليد لدي اليهود المتدينين و انخفاضها إلى 2.2% لدي العرب. و يتوقع التقرير أن يبلغ تعداد سكان إسرائيل عام 2028 حو 9.8 مليون نسمة؛ منهم 22% عرب و 11% يهود متدينون.
مصر و الرؤية المستقبلية الإسرائيلية
يتوقف التقرير عند تأثير حرب أكتوبر علي النمو الاقتصادي الإسرائيلي، و الملفت للنظر أنه لا يتعامل مع تأثير تلك الحرب التي مضي عليها ما يقرب من أربعة عقود باعتبارها واقعة تاريخية مضت و اندثرت تأثيراتها؛ بل يقرر بوضوح أن[15] "عام 1973_عام حرب يوم الكيبور Yom Kippur War كانت نقطة تحول في مسار الاقتصاد الإسرائيلي؛ فمنذ ذلك العام و حتى الآن انخفض معدل نصيب الفرد من الدخل القومي GDP per capita إلى 1.5% سنويا و هو ما يعادل ربع ما كان عليه في السابق، و صاحب ذلك الركود الاقتصادي تضخم سريع متصاعد بلغ معدله عام 1984 ما يتجاوز 400% سنويا و لم يوقفه إلا برنامج الحكومة الاقتصادي عام 1985. لقد نجمت تلك الأزمة الاقتصادية عن حرب يوم الكيبور  و ما صاحبها من ازدياد حاد في نفقات الدفاع، فضلا عن أزمة البترول، و الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية"
المهاجرون السوفييت
يشير التقرير  مستقبل الهجرة اليهودية  إسرائيل مؤكدا[16] أنه "بعد اكتمال موجة الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفييتي  إسرائيل و التي شكلت غالبية المهاجرين في التسعينيات، فإننا نتوقع استقرار المعدل السنوي للمهاجرين القادمين  إسرائيل في حدود عشرة آلاف أي بما يقدر بنحو 200 ألف خلال الفترة التي يغطيها التقرير"
يشير التقرير[17] أن موجات المهاجرين كانت تشكل عبر تاريخ إسرائيل عاملا أساسيا في نمو الاقتصاد و الإنتاجية، و لكن موجة المهاجرين الذين تدفقوا علي إسرائيل في التسعينات من الاتحاد السوفييتي السابق لم يتم استثمارها كما يجب رغم ارتفاع مستواهم العلمي و التدريبي، و يرجع التقرير ذلك التعثر  الوقت الطويل الذي تستغرقه عادة عملية اندماج المهاجرين في ظروف العمل الجديدة، و يتوقع التقرير ألا تحدث تلك الموجة تأثيرها علي الإنتاجية إلا بعد عقد من الزمن؛ و حينها كما يقرر التقرير[18] سوف يسهم هؤلاء المهاجرين بخبراتهم المتخصصة في مجالات التكنولوجيا البيئية، و معالجة المياه، و مقاومة التلوث مما سيفتح مجالات العمل أمام العديد من المهاجرين، و مما قد ييسر لإسرائيل اختراق سوق أوروبا الشرقية المتسع، و يشير التقرير دراسة حديثة صدرت عن مؤسسة صمويل نيمان Samuel Neaman Institute تقدر أنه خلال القرن القادم سوف تبلغ صادرات قطاع التكنولوجيا البيئية سبعة بلايين دولار سنويا’ و أن ذلك القطاع سوف يستوعب 40000 من الأيدي العاملة
و فيما نري فقد تجاهل التقرير فيما يتعلق بصعوبة استيعاب موجة المهاجرين القادمين من الاتحاد السوفييتي السابق عددا من الحقائق ذات الطابع النفسي الاجتماعي تعرضنا لها في سياق محاضرة عامة بعنوان "أضواء نفسية علي الصراع العربي الصهيوني" ألقيت ضمن برنامج لجنة علم النفس, المجلس الأعلى للثقافة, القاهرة, أول يونيو 2005[19] :
تصل النسبة العددية لليهود السوفييت حو 17% من بين من يحملون الهوية الإسرائيلية، و تفوق نسبة الحاصلين علي شهادات جامعية بينهم نظيرتها لدى بقية الإسرائيليين بأربعة أضعاف، و أنهم يضمون نسبة عالية من غير اليهود تبلغ نحو 30% وفقا لتقديرات الباحث المدقق ماجد الحاج في كتابه عن "الهجرة والتكوين الإثني لدى اليهود الروس في إسرائيل" الصادر عام 2004، و الذي اعتمد فيه على سلسلة من الدراسات الميدانية التي قام بها على مدى عقد من الزمان. و هم بذلك يختلفون كيفيا عن بقية موجات الهجرة اليهودية لإسرائيل، إلا فيما يتعلق بتبني مواقف أشد تطرفا حيال الفلسطينيين.
و لعل أهم ما ينبغي الإشارة ه فيما يتعلق بموضوعنا هو مقاومة هؤلاء المهاجرون الجدد للانصهار في الثقافة العبرية السائدة في إسرائيل و التي حرصت الصهيونية علي ترسيخها لدي أبناء إسرائيل من اليهود. أنهم علي خلاف غيرهم من يهود موجات الهجرة السابقة، لم يتنازلوا عن ثقافتهم الأصلية: إنهم يتحدثون اللغة الروسية التي فرضوها كلغة ثالثة علي أجهزة الإعلام الإسرائيلية الرسمية  جانب العبرية و العربية، و هم متمسكون بعاداتهم و تقدهم و حتى بمأكولاتهم الروسية حتى اليوم، و يشير ماجد الحاج  أنه "في وسط الحي اليهودي بالقدس  يوجد متجر لبيع المشروبات و المأكولات المستوردة من روسيا و التي بالتأكيد تخالف الشريعة اليهودية لأنها على سبيل المثال تبيع اللحم و السمك الذي لم يشرف عليه حاخام يهودي. واللافتات داخل المتجر كتبت بالروسية و إن كانت مكتوبة  في الخارج باللغتين الروسية و العبرية".
و لم يقتصر الأمر علي الاحتفاظ باللغة والعادات و التقاليد الروسية القديمة، بل لقد شكلوا داخل إسرائيل تجمعاتهم السياسية الخاصة، و لعل أبرزها هو  حزب (إسرائيل بيتينو) أي إسرائيل بيتنا و الذي أسسه في مارس 1999 ، افغدور ليبرمان، و يكفي أن نشير  بعض ما يتضمنه برنامج الحزب فيما يتعلق بالموقف من الفلسطينيين: يطالب الحزب بضرورة "فصل الضفة عن القطاع فصلا تاما، في كل مناحي الحياة والى الأبد، بحيث يصبح هناك كيانين منفصلين في الضفة والقطاع، و علي إسرائيل التعامل مع كل كيان بشكل مختلف، وان المفاوضات مع أبو مازن يجب أن تتركز على الضفة فقط، و اعتبار كافة الاتفاقيات التي وقعتها الحكومات السابقة مع السلطة الفلسطينية لاغيه"
لقد حرص التقرير علي إغفال الاهتمام بالمعالجات التفصيلية لشرائح سكانية تتمايز داخل المجتمع اليهودي كجيل السابرا و الأشكنازيم و السفارديم، و هي سمة تشمل العديد من التقارير الإسرائيلية المشابهة، و قد أشرنا لذلك في عرضنا النقدي لتقرير صدر عن مركز هرتزيليا عام ٢٠٠٦و [20]، الذي أعد بواسطة معهد السياسة والإستراتيجية بالمركز؛ و هو عبارة عن ورقة عمل قدمت في المؤتمر السادس لمؤسسة هرتز ليا الذي انعقد في يناير ٢٠٠٦، حيث كانت بؤرة الاهتمام في التقرير مقارنة تدرج الانتماءات لدي شرائح من الإسرائيليين تتباين من حيث السن و النوع و المستوي الاقتصادي و درجة التعليم وكذلك من حيث الأصول الحضارية التي اقتصرت فيها المقارنات علي مقارنة العرب باليهود، مغفلة المقارنة بين اليهود الذين تتباين أصولهم الحضارية رغم أن الاستبيان قد تمت ترجمته إلي العربية و الروسية بما يعني أن اليهود السوفييت شأنهم شأن العرب في إسرائيل ما زالوا دون إتقان اللغة العبرية ، أو أنهم يحاولون فرض التعامل بلغتهم الأصلية كلغة قومية حية.
و أشرنا في كتابنا شباب عجوز إلى التكوين السيكلوجى[21] لتلك المجموعة من الشباب اليهودي الذين يعيشون على أرض فلسطين، وينتمون لأصول غربية أعنى شباب الاشكنازيم واختيارنا لتلك المجموعة بالذات دون غيرها لا يعنى على الإطلاق أي إغفال لأهمية دراسة التكوين السيكلوجى لشباب السفا رديم في إسرائيل• فمثل ذلك التكوين خليق دون شك بدراسة منفصلة ومفصله ، غير أن لاختيارنا المقصود أسبابا أهمها:•
أ -  أن تلك المجموعة الاشكنازيه من الشباب الإسرائيلي هي التي ينطبق عليها بالتحديد تعبير السابرا في الاستخدام اليومي لرجل الشارع في إسرائيل في حين أن السفا رديم، وفقا لذلك الاستخدام يقعون خارج نطاق ذلك المصطلح•
ولا يقلل من أهمية تلك الحقيقة ما يذهب إليه بعض المتخصصين في الإنسانيات من الإسرائيليين وغير الإسرائيليين من استخدام لمفهوم السابرا بحيث يغطى الشباب الإسرائيلي ككل وعلى حد سواء• فمثل ذلك الاستخدام له من الأغراض السياسية ما سبق أن تناولناه بالتفصيل فيما سبق•
ب -  إن السابرا - وفقا لفهمنا لذلك التعبير - هم الأقرب إلى تصور السلطة الإسرائيلية لما ينبغي أن يكون عليه الشباب في إسرائيل • وليس ذلك • على أي حال - بالأمر المستغرب ، فهؤلاء السابرا ليسوا في النهاية سوى الأبناء الشرعيين لأصحاب السلطة الحقيقة في إسرائيل، أعنى الاشكنازيم، ولعل ذلك هو ما يفسر لنا ذلك الحرص الغريب على تركيزنا الضوء على تجربة الكيبوتزات باعتبارها البوتقة المأمولة لصهر هؤلاء الشباب في المقام الأول ثم لتقديم النموذج لغيرهم بعد ذلك 
جـ -  إن هؤلاء السابرا يمثلون ولسنوات قادمة إحتياطى السلطة الإسرائيلية بمعنى أنه إذا كان للاشكناز التأثير الأكبر على صنع القرار السياسي في إسرائيل اليوم، فإنهم حريصون على أن يستمر لهم ذلك التأثير في المستقبل من خلال امتدادهم الحضاري والسياسي والسيكلوجى كما يتمثل في أبنائهم أي في السابرا•
د -  إن أولئك السابرا يمثلون الجانب الغالب - عدداً وتأثيراً - من بين العسكريين الإسرائيليين الذين يواجهوننا بالفعل - ومن هنا تكتسب دراسة الاشكنازيم بالنسبة لنا أهمية خاصة تبرر احتلالها للأسبقية الأولى • فلكبارهم اليد الطولي في اتخاذ القرار السياسي و العسكري في قمة الحكم في إسرائيل ، ولشبابهم اليد الطولي أيضاً في اتخاذ القرارات التنفيذية العملية في الممارسة اليومية في كافة مناحي الحياة في إسرائيل وفى مقدمتها الناحية العسكرية•
  و هنا ينبغي الإشارة إلي ما حدث من تغيير في طبيعة تكوين الأجيال اليهودية في إسرائيل[22]، و بالتحديد جيل السابرا أي أولئك الذين ولدوا في إسرائيل و تربوا في المستوطنات الصهيونية، و الذين كانوا موضوعا لأول دراسة منشورة في هذا المجال عام 1971 بعنوان "تجسيد الوهم"  و أود أن أشير في هذا السياق إلى شارون باعتباره نموذجا بارزا من أبناء ذلك الجيل من السابرا القدامى.
في عام 1928 شدت الرحال من روسيا إلي فلسطين أسرة يهودية صهيونية متشددة تضم مزارعا يدعي صموئيل موردخاي شينرمان و زوجته التي كانت تعمل بالتمريض لتستقر الأسرة في واحدة من أوائل المستوطنات الزراعية اليهودية التي أقيمت في فلسطين، و أنجبت الأسرة إثر وصولها الطفل "آرييل" الذي أصبح بعد أن تخلت عائلته عن لقبها الروسي القديم "آرييل شارون" الذي نعرفه جميعا. و لعل شارون – من بين قادة إسرائيل- هو الأوثق ارتباطا بما يجري أمام أعيننا يوميا في غزة: فعلي يدي شارون تم تدمير ما عرف باتفاقيات أوسلو للسلام" حين قام بزيارته الشهيرة للمسجد الأقصى في 28 سبتمبر 2000 و التي تفجرت علي إثرها الانتفاضة الفلسطينية الثانية، و هو صاحب ما عرف بقرار "الانسحاب من غزة من طرف واحد"، و هما القرارين الذين ترتب عليهما ما ترتب من أحداث ما زلنا نشهد تداعياتها حتى اليوم.
كان شارون نموذجا لجيل السابرا القديم الذي نشأ في أحضان جيل المؤسسين الرواد المقاتلين و تشرب مبادئهم. و  توالت أجيال السابرا و ظلت أعدادهم تتزايد بالتدريج إلي أن بلغت 60.7% في إحصاءات 1993، ثم  68% عام 2008. أي أنهم يمثلون غالبية يهود إسرائيل اليوم. و لم ينشأ هؤلاء السابرا الجدد في أحضان جيل أولئك الرواد القدامى المؤسسين، بل نشأت غالبيتهم في ظل دولة قائمة بالفعل، و من ثم فإنهم يفتقدون ذلك التكوين التاريخي المزدوج الذي ميز يهود إسرائيل عند نشأة الدولة.
لقد نشأت في إسرائيل حقيقة سكانية جديدة، وهي أن غالبية سكانها اليوم لا تحمل خبراتهم المعاشة سوي " التاريخ الإسرائيلي" فحسب، و اختفت من أمتعتهم "حقيبة السفر الجاهزة دوما"، و لم يعد في داخلهم ما كان يشعل حماس جيل المؤسسين الصهاينة من ذكريات الهولوكوست و معاناة اليهود في شرق أوروبا علي التحديد. لقد أصبحوا باختصار أكثر ارتباطا بدولة إسرائيل علي أساس براجماتي جديد.
خبرات ستة أمم صغيرة ناجحة
يضع التقرير في نهايته ملحقا تحت هذا العنوان، يعرض فيه لنماذج مختارة من أمم صغيرة ناجحة محددا بدقة ما يمكن أن يفيد إسرائيل من خبرات تلك الأمم. و تضم القائمة خبرات استونيا Estonia و فنلندا  Finland و أيرلندا  Ireland و سنجابور Singapore و السويد Sweden و تايوان Taiwan ؛ فيشير  دروس ثلاثة يمكن أن تفيد إسرائيل من خبرة استونيا[23] في تبسيط النظام الضريبي؛ و في استغلال موقعها السياسي الجغرافي في لعب دور إقليمي؛ و في تميز قطاعها العام بالشفافية و النزاهة فضلا عن كفاءة الخدمات العامة. و يعرض التقرير للدروس التي يمكن أن تفيد إسرائيل من خبرة فنلندا[24]، فيضع في مقدمتها أنها تعد نموذجا ممتازا لما ينبغي أن تكون عليه السياسات الصناعية في القرن العشرين؛ فضلا عما أكدته الخبرة الفنلندية الناجحة في إقامة روابط قوية بين الجامعات و القطاع الخاص؛ بالإضافة إلى ما أحرزته فنلندا من نجاح في مجال تنظيم البنية التحتية العامة بما يتيح تشجيع الابتكار. ثم يعرض التقرير للدروس التي يمكن أن تفيد إسرائيل من خبرة أيرلندا فيشير[25]  ما تتميز به تلك الخبرة من التأكيد على أهمية التخطيط و التنسيق الاستراتيجي؛ و من تركيز علي أهمية  تشجيع الابتكار كسياسة إستراتيجية؛ و من إبراز لأهمية الدور الذي يلعبه رأس المال البشري و من ثم الاهتمام بالتعليم بالدرجة الأولي. ثم يعرض التقرير للدروس التي يمكن أن تفيد إسرائيل من خبرة سينجابور[26] فيشير  تركيز سينجابور طيلة أربعين عاما علي تحقيق هدف محدد و هو أن تكون في مقدمة دول جنوب شرق آسيا؛ و التركيز علي خلق نظام تعليمي قادر علي المنافسة العالمية خاصة في مجال الرياضيات؛ و التركيز علي إقامة بنية تحتية متميزة و خاصة في مج النقل و الاتصالات. ثم يعرض التقرير للدروس التي يمكن أن تفيد إسرائيل من خبرة السويد[27] فيشير  نجاح السويد في ضمان أن يستفيد القطاع الأكبر من مواطنيها من عائد التقدم الاقتصادي و التكنولوجي؛ و  الحرص علي الانفتاح علي السوق العالمية للتجارة و الاستثمار مما أتاح لها بناء مؤسسات اقتصادية ضخمة تستثمر لأقصي حد رأس المال البشري؛ و  حرص الحكومة علي تشجيع المشروعات الناجحة و كذلك التزام أصحاب الأعمال و القادة السياسيين علي حد سواء بتنحية مصالحهم الذاتية الضيقة في سبيل المصلحة العامة. و أخيرا يعرض التقرير للدروس التي يمكن أن تفيد إسرائيل من خبرة تايوان[28] فيشير في البداية  التشابه بين تايوان و إسرائيل من حيث ما تواجهه من مشكلة أمنية تتمثل فيما تمثله لها الجارة الصينية من تهديد مستمر باستعادتها بالقوة، و كيف أن تايوان قد تمكنت بالرغم من ذلك من تحقيق نجاح اقتصادي ملموس في الأسواق العالمية، و كيف أن تايوان قد أصبحت مثل إسرائيل مكانا لإيواء اللاجئين الفارين من الصين بعد الثورة الشيوعية و الذين يتجاوز عددهم المليونين. لقد نجحت تايوان في الفصل بين المسار الأمني و مسار التقدم الاقتصادي، كما نجحت  في المزج بين التكنولوجيا القديمة التقليدية و تلك الحديثة المتطورة و تبنت تايوان إستراتيجية حديثة  تركز علي التنافسية التي تعتمد علي تطور نظامها التعليمي و التصنيعي. 
و ينتهي التقرير بعد استعراض تلك الخبرات الستة التي انتقاها استخلاص "ستة مبادئ للإستراتيجية الطويلة المدىSix Key Principles For a Long-Run Strategy "[29] :
·        الإستراتيجي المتجاوز و ليس الإستراتيجي فقط Meta-strategy, not Strategy و يقصد بذلك عدم الوقوف عند حدود تبني إستراتيجية ناجحة في مجال التنافسية العالمية، بل التزام الأمم بعملية إستراتيجية تمكنها من الاستمرار في تطوير الإستراتيجية القائمة.
·        الأبطال المتميزون High-Level Champions لقد   وجدنا في كل من الدول الستة بطلا سياسيا مرموقا يقود المسيرة الإستراتيجية طويلة المدى، و عادة ما يكون رئيس الوزراء
·        الاستمرارية عبر الزمن Continuity Over Time لقد تميزت كل من الدول الستة بالتوافق العام على استمرارية الالتزام بخططها الإستراتيجية رغم تغير الحكومات أو الائتلافات المشكلة للحكومة.
·        شبكة متطورة لتدفق و تبادل المعلومات Innovation Ecosystem لقد تميزت كل دولة من الدول المشار ها بوجود مثل تلك الشبكة التي تربط بين الجامعات و مراكز البحوث و الوزارات و الشركات و النظام التعليمي عامة، بحيث تكون تلك الشبكة محكمة التخطيط، جيدة التمويل، ذات قيادات متميزة.
·        العقد الاجتماعي Social Contract لقد تميزت الدول المشار إليها بتوافر درجة عالية من التماسك الاجتماعي الذي تحقق من خلال جهد دءوب لخلق توافق بين العمل و الإدارة و الحكومة. و قد مكن ذلك التماسك الاجتماعي من بناء خطة إستراتيجية طويلة المدى توزع مكاسب العولمة و التنافسية بين العمال و أصحاب الأعمال و الشعب بعامة. و لذلك فإن تلك الدول لا تكاد تشهد اضطرابات صناعية أو إضرابات عمة.
·        البؤرية و التخصص Focus and Specialization لقد تميزت الدول المشار ها بالتركيز علي هدف واضح محدد متخصص يتم الالتزام بتحقيقه التزاما دقيقا و غالبا ما يترجم هذا الهدف في صورة شعار أو جملة واحدة بسيطة.



[1] إسهام الكاتب في عمل مشترك تم تحت إشراف جامعة الزقازيق
[2] آثرنا الاطلاع علي النسخة الإنجليزية للتقرير و المتاحة علي الشبكة العنكبوتية:
Israel 2008: vision and strategy for economic and society in global world, codaf, March 2008
[4] سمير غطاس،  ملفات التطبيع .. وسنينه ( 4-4 )، المصري وم : 07 - 11 - 2009
[6]  Gideon Burrows, No-Nonsense guide to The Arms Trade, New Internationalist / Verso, 2002, paper
[7] قدري حفني، صناعة الحرب و ثقافة السلام، الأهرام, 7 سبتمبر 2006
[8] ص49
[9] ص 265
[10] ص 6
[11] ص 262 من الخطة
[12] التقرير السنوي الثاني: انتهاكات حقوق الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل للعام 2005، المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، 2006
[13] ص 266
[14] يعرف التقرير تلك الجماعة بناء علي المسح الصادر عن المكتب الإسرائيلي المركزي للإحصاء عن معدلات الإنفاق عام 2005 و الذي يعرف الأسر اليهودية التقليدية المتطرفة باعتبارها "الأسرة التي لا تمتلك تليفزيون، و التي يدرس فيها رب الأسرة في مدرسة تلمودية “kollel   و / أو لديها أطفال تقل أعمارهم عن 18 عاما أنظر ص 266
[15] ص 31
[16] ص 265
[17] ص 33
[18] ص 222
[19] مختارات فكرية بين علم النفس و السياسة (المجلد الثالث): أضواء نفسية على الصراع العربي الإسرائيلي،  دار المحروسة، 2010، دار المحروسة، 2010

[20] قدري حفني، "تعليق نقدي", الشعور الوطني و الأمن القومي الإسرائيلي, سلسلة ترجمات, المركز الدولي للدراسات المستقبلية و الإستراتيجية, نوفمبر 2006

[21] شباب عجوز: دراسة في سيكولوجية السابرا، مكتب شريف للطباعة والنشر، القاهرة، 1978
[22] مختارات فكرية بين علم النفس و السياسة (المجلد الثالث): أضواء نفسية على الصراع العربي الإسرائيلي،  دار المحروسة، 2010، دار المحروسة، 2010
[23] ص 293
[24]  ص 295
[25] ص 296
[26] ص 298
[27] ص 300
[28] ص 300 - 301
[29] 303