السبت، 7 يوليو 2012

الستينات و ما أدراك ما الستينات

قال الرئيس مرسي في خطابه الشهيرفي ميدان التحرير، و هو يستعرض تاريخ ما قدمه الشعب المصري من شهداء "أحيي شهداء الستينات . الستينات. و ما أدراكم ما الستينات"؛ و رغم أنه لم يذكر صراحة أنه يقصر حديثه علي الإخوان المسلمين، فقد انهالت التعليقات مؤكدة ذلك و منددة به و مركزة علي ما شهدته حقبة الستينات من إنجازات. و قد دفعتني تلك التعليقات إلي تساؤل منهجي و ذكريات تاريخية كشاهد علي ذلك العصر. من الناحية المنهجية ينبغي الحذر من أن يندفع المرء مدافعا عن الجماعة السياسية أو الفكرية التي ينتمي إليها إلي حد ألا يري أخطاءها و أن يبرر خطاياها. و من ناحية أخري فلا ينبغي للمرء أن تدفعه إدانته السياسية أو الفكرية لجماعة سياسية أو فكرية إلي تجريدها من أية إيجابية أو تلويث تلك الإيجابيات. مثل ذلك الموقف لا يعتبر خطأ منهجيا فحسب بل هو أيضا خطيئة سياسية حيث يؤدي عمليا إلي تكريس تقديس رموز بشرية تاريخية، و من ثم يبرير تكرار نفس الخطايا في المستقبل. الناصرية لا تعني تبرير انتهاك الحريات و تعذيب المعتقلين إلي حد القتل و من ناحية أخري فإن رفض الناصرية لا يعني إدانة الانحياز للفقراء و بناء السد العالي إلي آخره.


لقد كانت تلك الحقبة الستينية حافلة بالإنجازات و الانكسارات. كانت الحقبة التي شهدت قرارات التأميم و إنجاز بناء السد العالي، و هي ذات الحقبة التي شهدت للمرة الأولي في تاريخ مصر تكريسا رسميا لفصل الذكور عن الإناث في التعليم الجامعي بإنشاء كليات جامعة الأزهر. هي الحقبة التي شهدت قيام الوحدة المصرية السورية كما شهدت انهيارها. هي الحقبة التي شهدت أعنف حملة اعتقالات و تعذيب للمنتمين لكافة التيارات السياسية المعارضة كالإخوان المسلمين، و المختلفة مع النظام كالشيوعيين. هي الحقبة التي شهدت واحدة من المرات النادرة التي خرج فيها الجيش المصري ليقاتل و تسيل دماؤه خارج حدوده الوطنية في اليمن. هي الحقبة التي شهدت هزيمة 1967 و ما دفعناه علي أرض سيناء من دماء و إحساس بالمرارة. هي الحقبة التي كرست سلطة الحزب الواحد.

تري هل يمكن اختزال ذلك كله في عبارة واحدة تدين أو تشيد بحقبة الستينات؟ و هل من ضير و نحن نتحدث عن الشهداء أن نردد مع محمد مرسي "الستينات و ما أدراك ما الستينات". لعله لو قالها في سياق حديث عن الانفتاح الاقتصادي لكان لها مذاق آخر. إن التركيز علي إدانة التعذيب و انتهاك الحريات في الستينيات و في غيرها قد يساعدنا علي ضمان عدم تكرار ذلك في المستقبل تحت أي ذريعة أو مبرر و ما أكثر الذرائع و المبررات التي ما زالت جاهزة للاستخدام حتي الآن.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق